16 سبتمبر 2024 | 13 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ عبد الرحمن الملا: ديننا مبني على أساس التيسير والتخفيف على الناس

21 يناير 2019

تميزت أحكام شريعتنا الغراء بالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين، هذه سمة فريدة ميزت الإسلام عما سبقه من الشرائع، ولقد تعددت وتنوعت مظاهر التيسير في الإسلام وأدلتها من القرآن والسُنة، فشملت العبادات والمعاملات وجوانب الحياة كلها.
حول هذا الموضوع تحدث فضيلة الشيخ عبد الرحمن عبد الله الملا، الداعية والمحاضر، مؤكدا أن دين الإسلام قد جمع المحاسن والفضائل كلها، لذا فكلما تدارسنا هذه المحاسن فيما بيننا، وذكَّرنا أنفسنا بهذه الفضائل فسوف نزداد تمسكا بها، ولربما كان ذلك سببا في دخول غيرنا في دين الله حين يرى سهولة وبساطة التكاليف الشرعية، لا سيما في هذا العصر الذي اهتزت فيه صورة الإسلام بسبب بعض المنتسبين إليه الذين أتوا بتصرفات مشينة أساءت للدين ولعموم المسلمين.
   من أجل هذا ينبغي أن يعلم الجميع أن ديننا مبني على أساس التيسير والتخفيف، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن خير دينكم أيسره) [رواه أحمد]، بل رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما خُيّر رسول الله في أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما"، هكذا دين الإسلام؛ سهلٌ يسير لا عنت فيه ولا مشقة.

   فلو نظرنا في مسألة العقيدة سنجدها واضحة غاية الوضوح، سهلة الفهم، دون تعقيد أو غموض، محددة في ستة أركان:
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.
   وأما فيما يتعلق بالعبادات، فهي هينة يسيرة، في استطاعة كل مسلم أن يؤديها دون مشقة، أركانها خمسة: (الشهادتان، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج لمن يستطيع)، فلو نظرنا إلى الصلوات المفروضة نجدها خمسة صلوات فقط موزعة على اليوم والليلة، كذلك الزكاة، مقدارها ربع العشر فقط من اجمالي ما كسبه المرء، والصوم فهو شهر واحد في العام كله، ومن أصابه عذر عارِض من مرض أو سفر فله رخصة الفطر والقضاء بعد زوال العذر، أما عن الحج فيجب في العمر كله مرة، فقط لمن يستطيع.
لو تدبر الإنسان نِعم الله عليه لوجد أن هذه العبادات قليلة جدا أمام فضل الله ونعمته على عباده.
   ومن مظاهر اليسر في المعاملات: أن الأصل في المأكل والملبس والزواج والعقود والتجارات هو الإباحة، والمحرّم مُستَثنى، لذا فالحلال هو الغالب على شؤون الناس الحياتية، وما جاء به نص يحرمه هو أقل القليل.
   علاوة على كل ذلك فإن الدين يسر في باب العبادات التطوعية غير الملزِمة، بالطبع هي طاعات محمودة، لكنها ينبغي أن تؤدى وفق الضوابط النبوية التي وردت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يملَّ حتى تملُّوا) [رواه مسلم]، هذه قاعدة في غاية الأهمية، فكثيرا ما نسمع عمن استقام ثم بعد فترة ترك وانتكس، من الأسباب الشائعة للتراجع والانتكاس أن الشخص حديث الالتزام يأخذ العبادات التطوعية جملة وتفصيلا، ويجعلها في مرتبة تضاهي الفرائض، ثم بعد فترة يمل ثم يتكاسل، ثم يتركها بالكلية.
   كذلك من الأمور التي تؤكد يسر الدين وسماحته أن الحرج مرفوع عن المخطئ والناسي والمُكره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجة والبيهقي.
   وعلى هذا فالإسلام دين يسره الله سبحانه وتعالى على عباده، لكن بعض المتنطعين يُضيِّقون على المسلمين، ويحرمون الحلال، ويمنعون المباح، والإسلام بريء من كل هذا، فكل استقرار وراحة وطمأنينة هي نتيجة اتباع دين الله ولزوم أحكامه، فالله جل وعلا أمرنا بأمور، ونهانا عن أمور أخرى، ومن خلال لزوم أوامر الله ونواهيه تصلُح حياة الناس، ويصلُح الكون كله.
 

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت